في هذا المتصفح الجميل نعيش مع النبي في رمضان
فلنبدا بسم الله
النبي يتحرى الهلال
وكان من هَدْيه صلى اللَّه عليه وسلم أن لا يدخُل في صوم رمضان إلا بُرؤيةٍ محقَّقة، أو بشهادة شاهدٍ واحد، كما صام بشهادة ابن عمر، وصام مرة بشهادة أعرابي، واعتمد على خبرهما، ولم يُكلِّفْهما لفظَ الشهادة . فإن كان ذلك إخباراً، فقد اكتفى في رمضان بخبر الواحد، وإن كان شهادة، فلم يُكلِّف الشاهدَ لفظَ الشهادة، فإن لم تكن رؤيةٌ، ولا شهادةٌ، أكمل عِدَة شعبان ثلاثين يوماً .
وكان إذا حال ليلةَ الثلاثين دون منظره غيمٌ أو سحاب، أكمل عِدَّة شعبان ثلاثين يوماًً، ثم صامه . ولم يكن يصوم يومَ الإغمام، ولا أمرَ به، بل أمر بأن تُكمَّل عِدة شعبان ثلاثين إذا غُمَّ، وكان يفعل كذلك، فهذا فعله، وهذا أمرُه، ولا يُنَاقِضُ هذا قوله: (فإنْ غُمَّ عَلَيْكُم فاقْدُرُوا له)، فإن القدر: هو الحِسابُ المقدَّر، والمراد به الإكمال كما قال: (فأَكْمِلُوا العِدَّة) والمراد بالإكمال، إكمالُ عِدَّة الشهر الذي غُمَّ، كما قال في الحديث الصحيح الذي رواه البخارى: (فأَكْمِلُوا عِدَّة شَعبان) . وقال: (لا تَصُوموا حَتَّى تَروهُ، ولا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْه، فإن غُمَّ عليكم فأكْمِلوا العِدَّة) والذي أمر بإكمال عِدَّته، هو الشهرُ الذي يغم، وهو عند صيامه وعند الفطر منه، وأصرحُ من هذا قوله: (الشَّهْرُ تِسْعَةٌ وعِشْرون، فلا تَصُومُوا حَتَّْى تَرَوه، فإنْ غُمَّ عليكم فأَكْمِلُوا العِدَّة)، وهذا راجع إلى أول الشهر بلفظه وإلى آخره بمعناه، فلا يجوز إلغاء ما دلَّ عليه لفظُه، واعتبارُ ما دلَّ عليه من جهة المعنى . وقال: (الشَّهْرُ ثَلاثون، والشَّهْرُ تِسْعَةٌ وعِشْرون، فإنْ غُمَّ عليكم فَعُدُّوا ثَلاثين) .
وقال: (لا تَصُومُوا قَبْلَ رَمَضَانَ، صُومُوا لِرٌوْيَتِهِ، وأَفْطِروا لِرُؤيتِهِ، فإن حَالَتْ دَونَه غَمَامَةٌ فأكْمِلُوا ثلاثين) .
وقال: (لا تَقدَّموا الشَّهْرَ حَتَّى ترَوُا الهِلال، أوْ تُكْمِلوا العِدَّة، ثُمَّ صُومُوا حَتَّى تَرَوُا الهِلاَلَ، أَوْ تُكْمِلوا العِدَّة).